تابع كثيرون خبر فتاة القطيف الشيعية، ابتداءا من الحكومة السعودية الى البيت الابيض والانسان البسيط.
واستمدت القضية اهميتها من كونها قضية اغتصاب لفتاة في مجتمع السعودية
المحافظ، كانت في طريق العودة إلى البيت حين اعترض طريقها اشخاص ونقلوها
بصحبة شاب آخر استنجدت به، الى كوخ في منطقة ( العوامية ) حيث اغتصبوها
وهددوها بالموت في حال الابلاغ بالامر، ثم اعادوها الى منطقة سكنها. لكن
اللغم الذي فجر الموقف، مطالبة مجلس القضاء الأعلى وهو أعلى سلطة قضائية
في السعودية أن يكون الحكم مضاعفاً على الفتاة والشاب الذي كان على علاقة
بها، قبل ان يصدر عفو ملكي عنها.
الاغتصاب.. مضمون سياسي
ولعل اقدام سبعة رجال على اغتصاب فتاة ليس امرا نادر الحدوث لدى العرب.
لاسيما وان كلمة ( اغتصاب ) يتداولها اللسان العربي يوميا، للاشارة الى
مضامين سياسية ايضا، فيشار الى احتلال فلسطين على انه ( اغتصاب ). ويصف
البعض الانقلاب واخذ السلطة بالقوة بانه ( اغتصاب )،
وفعل (اغتصب ) في اللغة العربية يعني أخذ الشيء قهرًا وظلمًا وهو التعرض
الجنسي لشخص دون أن رضاه سواء بالقوة أو بالترغيب.وهو يرتبط بالاحتقان
الجنسي والشعور بالنصر عبر اذلال الاخر وكسر روحه المعنوية، لاسيما وان
الشرقي يعتبر الشرف قلعة لاتفتح ابوابها الا بالقوة، مثلما اصبح فض غش
البكارة رمزا لانتصاره ورجولته.
وغالبا مايتربص الرجل الشرقي بفريسته منتظرا لحظات ضعفها حتى ينقض عليها مستخدما ابشع الوسيلتين، الحيلة والقوة.
الباصات والمرافق الصحية
وعلى رغم ان الاغتصاب ينتشر في انحاء العالم، لكنه في المجتمع العربي له
خصوصيته لانه غالبا مايصدر من اناس اسوياء ليسوا من اصحاب السوابق مثلا،
لكن زئبق بارومترهم الجنسي يرتفع الى الحدود التي يصعب السيطرة عليها،
اضافة الى انه غالبا مايكون الاغتصاب العربي ( جماعيا )، ويحدث في اماكن
غير متوقعة مثل البرية والمرافق الصحية والباصات.
ففي عام 2005 اغتصبت طالبة جامعية كويتية تدرس الطب على يد شخص خليجي هددها باستخدام آلة حادة وهي تهم بركوب سيارتها.
وفي نفس السنة حكمت محكمة كويتية على امرأتين بالسجن سبع سنوات بعد ان ادانتهما باختطاف رجل واجباره على ممارسة الجنس معهما.
كما استغل رجل امن كويتي الفرصة متتبعا ( مسافرة ترانسيت ) أثناء توجهها
الى دورة المياه حيث أستغل وجودها بمفردها وقام بأغتصابها على مقعد التغوط
! قبل ان يتوارى عن الانظار.
واثار اغتصاب غير مؤكد لفتاة عراقية اسمها ( صابرين الجنابي )، ضجة كالتي
احدثتها فتاة القطيف فقد روت صابرين ان عناصر امنية عراقية اغتصبتها، لكن
الحكومة العراقية نفت الموضوع.
لكن ما يثير في ( فتاة القطيف ) ان منظمة حقوق الانسان العالمية عدتها
امرأة شابة شجاعة تواجه الجلد والسجن لتحدثها علناً عن جهودها للسعي
لتحقيق العدالة، بينما واجهت ( صابرين ) تهم التلفيق.
استهلاك الطاقة الجنسية
وتتحدث مصادر مصرية ان عشرين ألف حالة اغتصاب تحدث سنوياً في مصر، وان
الكثير منها يحدث في المرافق الصحية. ويرجع الدكتور مراد البنا وهو اخصائي
مصري في البحوث الاجتماعية ذلك الى فقدان الشباب ل ( الخلوة ) واحجام
المجتمع عن الاختلاط، وثقافة العيب، والكبت الجنسي. ويضيف ان معادلة الجنس
في العالم العربي غير متوازنة، فبينما تدفع الهورمونات في سن المراهقة
الشاب والفتاة الى الشهوة الجنسية، فان قنوات استهلاك طاقة الشهوة مغلقة
ولاسيما الزواج الذي يتطلب اكتفاءا اقتصاديا ومصدر دخل جيد.
لكن البنا يرى ان الاغتصاب في العالم العربي ليس استثناءا من هذه الظاهرة
في العالم، لكن المشكلة ان المجتمع العربي لايكتفي بالعقوبات القانونية،
بل تظل الفتاة المغتصبة طيلة حياتها مرهونة بلحظات الاغتصاب التي لم
تتجاوز الدقائق.
فتيات الريف
وتوضح ( علياء مجمد ) وهي باحثة اجتماعية عراقية ل( أيلاف) فحوى دراستها
عن الاغتصاب في المجتمع العراقي، ومايثير في الدراسة ان فتيات الريف
يتعرضن للاغتصاب والتحرش الجنسي في المزارع حيث البرية الواسعة، وغالبا
ماتكون هناك فرصة للفعالية الجنسية على حد نتائج الدراسة.
وفي مقابلة مع ( فوزية عبد الستار) أستاذة القانون الجنائي في مصر مع
وسائل الاعلام قالت ان ارتفاع معدل خطف الاناث واغتصابهن مشكلة خطيرة
يواجهها المجتمع لانها تمس شرف الوطن بأكمله، وهي في هذا ( تسيِّس )
الاغتصاب لانها اوجدت له علاقة بالوطن !.
والجدير بالذكر ان الرئيس الامريكي جورج بوش قال حول (فتاة القطيف ) خلال
مؤتمر صحفي في البيت الأبيض أنه كان سيشعر بالغضب لو كانت ابنته هي التي
تعرضت للاعتداء وللعقاب.
وأضاف كنت سأشعر بالغضب من الذين اقترفوا تلك الجريمة، وكنت سأشعر بالغضب من الدولة التي لم تدعم الضحية.
المجتمع يعزل الفتاة المغتصبة
وفي لقاء مع ( ايلاف ) يقول الباحث الاجتماعي ( تيسير حميد )، ان مشكلة
المراة المغتصبة في المجتمع العربي والخليجي بصفة خاصة انها على رغم الظلم
الذي وقع عليها، يرفض المجتمع تزويجها ثانية لتنزوي في الغرف الظلماء بلا
امل في المستقبل، ويقول ان الدول العربية تعاني من نقص مراكز الرعاية
الاجتماعية التي تدمجها في المجتمع من جديد. ويضيف : مهما كانت الاسباب
فان المجتمع يلقي مسؤولية مايحدث على الفتاة بحجج واهنة منها تبرجها
واختلاطها بالشباب واستعراض انوثتها في الشارع، او انها بدون رادع يمنعها
التبرج والسفور والسهرات و كل تلك حجج واهية تحاول اضفاء شرعية ما على فعل
الاغتصاب الذكوري كما يرى ( حميد ).
وفي العراق تحدثت وسائل الإعلام عن محاكمة عسكرية لجنود أمريكيين، اغتصبوا
فتاة عراقية، وقتلها قبل حرق جثتها، ثم قتل عائلتها بالكامل.
على ان وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) اعترفت في عام 2004، أنها تلقت
أكثر من 1700 تقرير عن اعتداء جنسي في الوحدات العسكرية الأمريكية.
وفي مدينة الحلة العراقية قام شباب مراهقين في 2003 باغتصاب فتاة في منطقة
نائية محاذية لنهر الحلة، حيث تناوبوا هتك عرضها، لكن السلطات العراقية في
عهد الرئيس العراقي الاسبق، نفذت حكم الاعدام بحقهم في مكان الجريمة.
وبلغ الهوس العربي الالكتروني بثقافة الفضيحة ان مواقع كثيرة تنشر افلاما
لنساء مغتصبات، لاغراض المتعة حيث تحتوي المواقع على تصوير مصور لوقائع
الاغتصاب.
وفي استراليا يروي ( سليم قباني ) ل ( ايلاف ) عمليات ( انتقام بالاغتصاب
) متبادلة بين بين لبنانيين لأستراليات وأستراليين للبنانيات.
واستدعى ذلك ان شرطة سيدني شكلت وحدة (صيدا !) لمكافحة الاغتصاب على اسم مدينة لبنانية.
متعة جنسية ام انتقام
غير ان الطبيب النفسي حليم كمال يرى في حوار مع ( ايلاف ) ان الغاية في المجتمع الغربي من الاغتصاب هو معاداة المجتمع،
لكن الاغتصاب ( العربي ) يهدف الى الحصول على المتعة الجنسية. على ان بعض
المغتصبين ( يقول كمال ) يتملكهم الاحساس بالكره أو الخوف من الاخرين
لاسيما النساء فتعزز في دواخلهم رغبة إثبات القوة لاذلال الاخر بهتك عرض
النساء المغتصبات.
ويرى ( كمال ) ان الانسان العربي يمارس الاغتصاب اللفظي يوميا حين يتشاجر
مع الاخرين، فيطلق خلال نزاعاته الفاظا نابية تخدش الحياء وتهتك عرض
المقابل، بغية الانتصار عليه، وفي فلسطين ومصر ولبنان وسوريا، تبدأ
النزاعات الفردية بالفاظ الغرض منها هتك عرض اخت او زوجة او اخت الغريم.
والجدير بالذكر ان مسلسلا تلفزيونا يحمل اسم (قضية راي عام ) عرض مشهد
اغتصاب مروع لطبيبتين وممرضة إحداهن أستاذة في كلية طب قصر العيني بجامعة
القاهرة، في وقت برات فيه محكمة جنايات مدينة بنها بمصر متهما باغتصاب
طفلة عمرها عشر سنوات.
ويذكرنا هذا الحادث باقدام 8 من الشبان في مدينة الخانكة (محافظة
القليوبية) على خطف زوجة كانت برفقة صديقها المهندس داخل سيارته وشاهدهما
الجناة فاقتادوهما إلى مزرعة بالإكراه وتناوبوا على اغتصابها.
ويلقي كثيرون مسؤولية الاغتصاب على المرأة ( السافرة ) كما ورد في رسالة
ماجستير أعدت في جامعة الأزهر في القاهرة تعزي الاغتصاب الى انتشار العري
في الشارع المصري مقدما الدليل انه لم تحدث جريمة اغتصاب لأي سيدة محجبة.
على ان اغرب الحوادث في هذا المجال اقدام عصابة مكونة من ستة أشخاص العام
الماضي على اقتحام منزل يمني في منطقة (مذبح) غرب صنعاء واغتصاب زوجة صاحب
المنزل أمام عينيه.