منتدى بغداد الحب والسلام
الخريف Halla11

اهلا وسهلا بكم في منتديات بغداد الحب والسلام نتشرف بأنضمامك معنا

ادارة المنتدى
منتدى بغداد الحب والسلام
الخريف Halla11

اهلا وسهلا بكم في منتديات بغداد الحب والسلام نتشرف بأنضمامك معنا

ادارة المنتدى
منتدى بغداد الحب والسلام
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى بغداد الحب والسلام


 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الخريف

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
سنان المشاكس
عضو محترف
عضو محترف
سنان المشاكس


ذكر
الابراج : الجدي
الأبراج الصينية : الحصان
عدد المساهمات : 226
تاريخ الميلاد : 05/01/1991
تاريخ التسجيل : 25/07/2009
العمر : 33
المزاج : مبسوط بعودتي للمنتدى

الخريف Empty
مُساهمةموضوع: الخريف   الخريف Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 19, 2009 2:27 am

بسم الله الرحمن الرحيم


بدأت وفود الخريف تصل إلى مدينتي في سكون ، وبدأت السماء ترتدي وشاحها الرمادى الآسر بينما دخلت الرياح تزحف في الشوارع والطرقات وكأنها تبحث عن شئ فقدته في الخريف السابق .
أما أنا فلم أضع الفرصة لإستقبال هذه الوفود الباردة وذهبت لمكاني المفضل في إحدى الحدائق القديمة لأجلس وحدى ليلاً كالعادة أئتنس بوحدتي وصفير الهواء من حولي ،
بدأت الرياح الباردة تضرب المكان وكانت تحمل أوراق الأشجار التى سقطت وتدور بها تهزها وتلفها في الهواء وكأنها تسألها مابكِ ؟
ولا تعلم بعد أنها ماتت ولم تتحمل إحتجاب النور وبرودة الحرارة ، فهكذا هي الحياة أحياناً تدمر لو إحتجب النور وتذبل لو إشتد البرود حولها.
وفي وسط سقوط الأوراق وموتها إقترب مني شخص من بعيد يرتدي ملابس سوداء ولا أتبين من ملامحه شيئاً حتى إقترب ،
ولقد كان "عسكري دورية" وكان يألف وجهي لأنه يراني دائماً هنا ، لكنها المرة الأولى التي يقترب مني هكذا.
ظل يقترب حتى جلس بجانبي على نفس المقعد الخشبي العتيق ثم أشعل "سيجارة" وظل ينفخ دخاناً قليلاً في الهواء ويحتفظ بأكثر الدخان بداخله لتتشبع به رئتاه المسكينتان.
ويبدو أنه لم يجد أحداً يراقبه فقرر أن يستريح من شقاء المرور والأياب والمراقبة
مرت دقيقة ولم ينطق فقررت التحدث إليه : أنا أراك بين الحين والآخر هنا في دوريتك أتتذكرني؟
فنظر لي غير مبالياً وقال : نعم أتذكرك يا أستاذ
ثم سألته : منذ متى وأنت في الخدمة العسكرية ؟
فعقد حاجباه وإلتفت لي بنظرة بها شئ من الهم وقال : كثير جدا وأنا تارك أهلي وزوجتي وموجود تحت رحمة قادتي
وتم تجريدي من مدنيتي وكرامتي أيضاً كما تعرف....
فقلت له : كان الله في عونك هل عندك أولاد ؟
فإبتسم قليلاً جداً وقال : بنتان وولد..أكبرهم بنت وهي في الثامنة
فقلت له : ماذا تعمل قبل وبعد الخدمة ؟
فقال : أنا كنت أعمل مزارعاً...أرعى أرض غيري ويستأجرني أصحاب الأراضي مقابل ثمن بخس لايكفي لأي شئ...وأنت ؟
فإبتسمت وقلت له : أنا في إنتظار قرار التجنيد وحتى يحين هذا الموعد أعمل في أي شئ يصادفني..
فقال : أتمنى لو أسافر..أعمل في أي مكان فلا أريد أن يحل إبني مكاني يوماً....ولا أريد تعذيب إبنتاي وزوجتي في هذه الظروف القاسية
فقلت له : ألم تفكر في أن تظل هنا وتحاول إصلاح أي شئ ولو بسيط...علّ حياتك تتحسن ولو قليلاً
فنظر إلى وإبتسم إبتسامة تهكم على قولي وقال : ألست من هنا !!...أنا لا أعرف ! هل نحن نخطأ ؟...أم هذا قدرنا أن نظل هكذا....!
فقلت له : أنا لا أتخيل أن أخرج من هنا...لا أعتقد أنني سأتحمل العيش في مكان آخر غير هنا.....رغم كل شئ !
لكني أيضاً لا أتخيل أن أتجرد من أبسط حق لي....إنسانيتي وآدميتي...!
لا أعرف حقاً هل سأصمد ؟ أم سأموت على أعتاب كرامتي وحبي لعزة روحي...لماذا كل شئ قادم يبدو أسود حالك...زنزانة محكمة !!
شئ صعب جداً أن تكون غير إنسان !! لا أتخيل كوني بلا إرادة وبلاكرامة !! ككلاب الحراسة !! أو حتى مجرد سلعة تورث من قائد لقائد
ومن حاكم لحاكم..وأظل مجرد أوراق في سجلات عليها ختم يفرد جناحاه ليخرس كل أمل في القلوب
فنظر لي وقال : إذا لابد أن تنتحر من الآن...كلنا كنا نكرر نفس كلامك....لكن بعد ذلك الأمر يختلف
فقلت له : أنا حياتي قصيرة وفارغة ومغلقة وقد فكرت كثيراً في عمل شئ ما يغير ويهز كل الإستبداد
لكن...إحترت من سأهز ومن سأصفع ؟ هل ستدور يدي حتى تصفعني أنا في النهاية !؟...حقاً لا أعرف........
لكن هذا خطأ وأنت خطأ وهذه البذلة وماعليها من أزرار نحاسية....حتى سلاحك وعصاك...وحتى أنا خطأ
وصمت أنا وصمت هو ، وظل الهواء يضربنا ويهزنا ببرودته...لكننا لم نستجب حتى للشعور بالصقيع....فكان الخيال بعيداً
كلنا خطأ...إن هذه الأشجار يصرع الخريف أوراقها.....لكنها سرعان ماتنبت ورقاً نضراً جميلاً أخضراً يهمس بالهواء النقي في صدورنا
لكن هناك بعض الأشياء التي عندما يصرع الخريف أوراقها وتموت وتتعفن....تظل على فروعها جيفاً تبث الهواء الفاسد والسم في النفوس
وتقضى على كل شئ...
وفي وسط سير الخيال على أشواك الحاضر والقادم سمعنا صوت أفسد نغم الرياح....إنه صوت الضابط ينادي على العسكري ويسبه
فهب قائماً ورمى "السيجارة" وهرع إليه وإختفت ملامحه مع ملابسه السوداء في سواد الليلة.....ورمت الرياح الأوراق وهي حزينة
ولملمت كل أسئلتي وهمومي وفرحتي الباهتة بالخريف وعدت أدراجي إلى منزلي في طريق مظلم ثقيل الظل...يمتلئ بالدوريات
والأحلام ورياح الخريف.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الخريف
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى بغداد الحب والسلام :: ~¤¢§{(¯´°•. الاقسام الادبيه.•°`¯)}§¢¤~ :: نثر وخواطر-
انتقل الى: