بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم
لا شك في أن للصلاة أهمية كبرى في الدين الاسلامي فهي
العبادة التي إن قُبلت قُبلما سواها و إن رُدَّت رُدَّ ما سواها ،
و لا شَكَّ بأن من علامات فلاح الإنسان المؤمن هو تمكّنه
من أداء صلواته بخشوع و حضور قلب ،
و ذلك لقول الله عزَّ و جَلَّ :
﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِيصَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ .
و حديث النفس بإعتباره عاملاً من عوامل صرف الفكر
و القلب عن التوجه إلى الله جل جلاله يُعدُّ آفة من
الآفات المعنوية الشائعة التي تعترض طريق عباد الله
المؤمنين بصورة عامة بل حتى الخواص منهم ، حيثلا
ينجو من هذه الآفة إلا من رحمه الله .
و ليس من شك أيضاً بأن حضور القلبو الخشوع في الصلاة
إنما هو هِبةٌ ربانية تحتاج إلى وعاءٍ طاهر و نقي و ذلك
لايتهيء إلا بتوفيق من اللّه و تسديده .
كيف نحصل على الخشوع في الصلاة ؟
لمعرفة السُبُل المؤدية إلى تحصيل حالة الخشوع و
التوجه و الإنقطاع إلى الله جلَّ جلاله ، و كذلك للتعرُّف
على موانع الخشوع و العلل المؤثرة في حرمان الإنسان
من الوصول إلى هذه المرتبة السامية ، لابد
و أن نُصَنِّفَ هذه السُبُل و العلل حتى يسهل علينا
دراستها و التوصُّل من خلالها إلى ما نَتمنَّاهُ من درجات الخشوع
و الإنقطاع إلى رب العالمين عزَّ و جَلَّب عونه و بتوفيقه .
ما هي موانع الخشوع؟
إن الأمور و المؤثرات التي تمنع الإنسان من الوصول
إلى حالة الخشوع والإنقطاع إلى الله جلَّت عظمته
كثيرة نُشير إلى أهمها فيما يلي :
1. المعاصي و الذنوب :
و ليس من شك بأن الإلتزام بتعاليم الدين و قيمه
و حلاله و حرامه هو من أهم العوامل التي توفِّق
الإنسان للعبادة و تُوجد فيه حالة الخشوع
و الانقطاع إلى الله سبحانه و تعالى .
أماالإنسان المذنب و المرتكب للمعاصي فهو في
حالة إبتعاد دائم و مستمر عن حالة الخشوع من جانب ،
و في إقبال نحو وساوس الشيطان من جانب آخر ،
و قد يُسلَب منه التوفيق للعبادة و يُحرم منها لتورطه
في المعاصي و الذنوب .
2. الكسب الحرام :
و المقصود منه الإبتعاد عن كل أنواع الكسب الحرام
و الحرص على حلِّية و نظافة طرق إكتساب المعيشة كالوظيفة
أو التجارة التي يمارسها الإنسان ، أو غيرها من موارد الإكتساب ،
ذلك لأن للمأكل و الملبس والمكان و غيرها من الأمور ـ التي تُعتبر
من المقدمات في العبادات ـ أثراً عظيماً فيإيجاد الخشوع ،
و هذه الأمور إنما تتوفر للإنسان بالمال و إذا لم يكن
المال المتكسب حلالاً فسوف تتأثر أعمال الإنسان بذلك
بصورة عامة و خاصة العبادية منها ، و أول هذه التأثيرات
تظهر على القلب فتسلب منه النقاء و الخشوع و تجعله
عُرضةً لوساوس الشيطان، و من ثم لا يقبل الله له عملاً .
مضافاً إلى أن الجسم يستمد قوته في العبادة من الطعام و الشراب ،
فإذا كان طعام الإنسان و شرابه حراماً و مكتسباً
منغير حلِّه بانَ تأثيرهما على العبادة فوراً ، بل إن
التأثير المعنوي للطعام والشراب يبقى في جسم الإنسان
و روحه فترةً طويلة .
و عموماً فإن للطعام و الشراب أثراً قوياً في تهيئة الظروف
الروحية و النفسية للعبادة من حيث السلب و الإيجاب .
و لا بُدَّ أن نعرف أيضاً بأن للوسواس درجات كما أن للخشوع درجات ،
فمن زاد تورّعه عن الحرام و الشُبُهات إزداد خشوعاً ،
و من تساهل في شيء منها قلَّ خشوعه و ضَعُف
توجُهه إلى الله عزَّ و جَلَّ بنفس النسبة