الأعرابي الذي أبكاني .. وأبكى الحضور
هو راعٍ للإبل .. لا يقرأ ولا يكتب .. لم يدخل مدرسةً .. ولم يتلق تعليمه في الكُتّاب .. إلا أن قلبه يحمل هم الآخرة - ولا نزكي على الله أحداً - أصرّ عليه بعض معارفه بأن يُلقي كلمة في المسجد .. وكانوا قد تواصوا بأن يقدم كل منهم ما ينفع الناس ويرشدهم بُعيد الإنتهاء من صلاة العشاء .. مرةً في الأسبوع ..
إلا أنه اعتذر .. مبيناً أنه لا يحسن الخطابة .. ولا يمتلك من العلم ما يؤهله للقيام بذلك ..
أصروا عليه .. وقالوا له : قل أي شيء تنصح به المسلمين ..
قام بعد الإنتهاء من الصلاة خطيباً .. وبدأ كلامة بحمد الله والصلاة والسلام على سيدنا محمد .. بلهجته البدوية البسيطة ..
ثم توقف برهة .. وقال : والله إني لا أحسن شيئاً .. ولكن أنذرتكم الموت ..
ثم أجهش بالبكاء ..
حاول إكمال كلامه .. إلا أن العبرة خنقته مراراً ..
تأثر الحضور بالموقف .. وبكوا جميعاً ..
في مشهد مهيب ..
أغنى عن ألف خطبة وخطبة .. وعن ألف موعظة وموعظة ..
فلك الله أيها الأعرابي .. الذي ما تكلفت في كلامك ولا تنطعت ولا تشدقت ..
وهي لغة القلوب .. خرجت من قلب صادق .. فدخلت القلوب بلا استئذان ..